مقالات

شيخ الشباب.. حين يصبح العالم أمةً في رجل .

 

في صفحات التاريخ السوري الحديث يبرز علماء أفنو..ا حياتهم في خدمة الحق متمسكين بمبادئهم رغم التحد..يات الجس..يمة التي واجهتهم من بين هؤلاء يبرز أحد العلماء الأفاضل الذي شهدت الفترة من 1980 إلى 1989 مواقفه الشجاعة وصبره على الا..بتلاء إذ حمل رسالة العلم والدعوة بإيمان را..سخ رغم الظر.وف العص..يبة التي أحاطت به.

الشيخ : الشباب.. منارة الأمل في الميادين والمحافل:
لم يكن الشيخ مجرد عالم يلقي الدروس في المساجد بل كان روحًا متقدة بالح..ما..س والإيمان يشدُّ من عز..يمة الشباب ويقويهم في كل ميدان حتى لقّب بـ*“شيخ الشباب”* كان صوته يجلجل في المحافل ينادي بأعلى صوته: “يا شباب!” ويتابع إرشاداته الد..عوية المخلصة التي تد.غدغ المشاعر ، فتتفاعل القلوب قبل الآذان ويستمد منه الشباب طاقةً متجددة تدفعهم للعلم والعمل والدعوة إلى الله ، فجميع من عرفوه لمسوا ذلك ويتحدثون عنه اليوم .

لم يكن مجرد واعظٍ يُلقي كلماته ثم يمضي بل كان قدوةً ومربيًاً يحتضن طلابه بفكره وقلبه يفتح لهم الأبواب ويمنحهم الأمل في مستقبلٍ مشرقٍ رغم التحد..يات.

النهضة العلمية.. نور لا ينطفئ :
وفي نهضته العلمية رحمه الله التي أسسها في مسجد عبدالرحمن بن عوف (الشويكة) بدمشق تتلمذ على يديه طلاب نهلوا من علومه الشر..عية فكانوا دعاةً إلى الله انتشروا في أصقاع الدنيا حاملين را..ية الد..عوة ناشرين العلم والخير ولا تزال هذه النهضة المباركة التي بدأها رحمه الله مستمرةً حتى يومنا هذا تنشر العلم والدعوة إلى الله شاهدةً على إخلا.صه وجهوده التي أثمرت جيلاً من العلماء والد.عاة.

جناحٌ في نهضة زيد.. أحد أركان البناء العلمي والدعوي :
ولم يكن الشيخ رحمه الله منفردًا في مسيرته بل كان أحد أجنحة شيخه العلّامة الشيخ عبدالكريم الرفاعي رحمه الله في نهضة (مسجد زيد) حيث كان أحد أركانها البارزين مع إخوانه الكرام في ذلك المسجد المبارك اجتمعت همم العلماء والمربين فكان صرحًا علميًا أخرج العلماء والحفاظ وبقي أثره ممتدًا يشهد على إخلاص رجاله ومنهم شيخنا الجليل الذي بذل عمره في خدمة هذا المشروع العظيم.

أملٌ لا ينطفئ :
لم تكن التحد..يات التي واجهها هذا العالم الجليل مقتصرة على الضغو..ط في عمله كأستاذ في كلية الشريعة بجامعة دمشق ولا على المتابعة المستمرة لخُطبه المؤ..ثرة في المساجد بل امتدت إلى أعزّ ما يملك حين تعر..ض لأ..قسى امتحان يمكن أن يواجهه أبٌ محب وهو غياب ابنه البكر وحر..مانه من رؤيته دون معرفة مصير..ه حين غُيب في سجن تد..مر .

بشائر الفرج :
بعد عامين من الانتظار والدعاء جاء الفرج بعودة الابن في لحظةٍ امتزجت فيها دمو..ع الفرح بذكريات صعب..ة لم تمحُها الأيام ورغم ما تركته تلك التجربة من أثر في حياة الشيخ وأسرته لم تزده إلا قوةً وثباتًا فواصل طريقه مساندًا كل من مرّوا بتجارب مماثلة وغارسًا الأمل في قلوب من أثقلهم الحنين والاشتياق.

رسالةٌ تتجدد رغم الصعا..ب :
لم تكن طريق الشيخ مفروشة بالورود بل كانت مليئة بالتحد..يات كان يُراقَب في عمله وتُحاط كلماته بالحذ..ر لكنه لم يحد عن رسالته في نشر العلم والتوجيه فكان نِعم الأستاذ لطلابه ونِعم الناصح لمن لجأ إليه يزرع فيهم قيم الصبر والثبات ويذكرهم دائمًا بأن مع العسر يسرًا وأن الابتلاء ما هو إلا طريقٌ إلى الرفعة في الد.نيا والآ.خرة.

بلسمٌ لقلوب المنكو..بين :
إلى جانب علمه ودعوته رحمه الله كان الشيخ يدرك أهمية مواساة القلوب المنك..سرة ففتح بيته لكل من فقد عزيزًا يستقبلهم بحنان الأب ووقار العالم يواسيهم ويرشدهم إلى طريق الصبر والا..حتساب ، فلم يكن مجرد داعية على المنبر ، بل كان ملاذًا لمن أثقلت كو.اهلهم الأحزا.ن يبث فيهم الأمل ويذكرهم بأن الأيام دول وأن بعد الليل فجرًا مشرقًا يحمل معه فرج الله ورحمته.

نور في الذاكرة وابتسامة في الخلود :
ور..حل الشيخ عن هذه الدنيا تاركًا خلفه إر.ثًا من الصبر والتض..حية وكلماتٍ لا تزال ترنّ في آذان من سمعوه يومًا ودعاءً لا يزال يلهج به من عرفوه وأحبوه.

ومع تغير الزمن واستمرار الر..سالة التي بدأها لا شك أن رو..حه الطاهرة قد استبشرت بتحقيق ما كان يؤمن به بأن الحق لا يضيع وأن دعوته ستبقى نبر.اسًا ينير الطريق لمن يأتي بعده.

رحم الله “شيخ الشباب” وأسكنه فسيح جناته وجزاه عن صبر.ه وثباته خير الجزاء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى